تعبير وإنشاء

تقديم جاهز لتحليل قصائد شعر تكسير البنية – شعر تجديد الرؤيا

لم يتوقف خطّ التطور في الشعر العربي الحديث عند النقطة التي عرفناها مع المدرسة الرومانسية. ولكنه استمر في عملية التجديد والتطوير استجابةً لعدد من الظروف السياسية والاجتماعية والفكرية التي فتحت آفاقا جديدة أمام الشاعر العربي. فأصبحت له أفكار جديدة لم تعد الأشكال الشعرية المتوارثة عن القدماء تستطيع التعبير عنها. وهكذا انتقل الشعر العربي من مستوى التقليد والرومانسية، إلى مستوى أكثر انفتاحا على بنيات شكلية ولغوية وفكرية جديدة، تجاوز من خلالها البنية الشعرية التقليدية، وعوّضها ببنية شعرية جديدة تعتمد نظاما لغويا وإيقاعيا مختلفا، يركز على الانزياح اللغوي والتركيبي ونظام السطر الشعري والتنويع في القوافي.


استمر الشعر العربي في عملية التجديد والتطوير، استجابة لعدد من الظروف السياسية والاجتماعية والفكرية. وكان لها تأثير على الشاعر، الذي لم تعد الأشكال الشعرية التقليدية تساعده في التعبير عن آماله. لذلك وظف بنيات شكلية ولغوية وفكرية جديدة، اعتمد فيها نظاما لغويا وإیقاعيا مختلفا. وركز فيها على الانزياح اللغوي والتركيبي ونظام السطر الشعري والتنويع في القافية والروي. كما استخدم وسائل جديدة في تأليف الصور الشعرية كالرموز والأساطير. 

عندما نتحدّث عن التّطور في الشعر العربي الحداثي، فإنّنا في الغالب ما ننتبه إلى الجوانب الشكلية التي تجاوز فيها هذا الشّعر القصيدة العربية التقليدية، وبخاصة منها الجانب الإيقاعي. غير أنّ الواقع الحقيقي الذي ميّز هذا الشعر ليس هو الجانب الشكلي، ولكنه ما يُعرف عند الشعراء بالرؤيا الشعرية. وهي نظرة الشاعر إلى القضايا التي تحيط به وبأمّته وبمحيطه عموما. حيث لم تقم الحركة الشعرية الحداثية على مفهوم تكسير البنية فحسب. ولكنها تأسست على شقّ ثانٍ أهم وهو ما يعرف بتجديد الرؤيا، الذي تميّز باستخدم وسائل جديدة في تأليف الصور الشعرية كالرموز والأساطير. فالشاعر في هذه المرحلة يجب أنْ يمتلك رؤيا خاصة للقضايا المحيطة به وبمجتمعه.


في إطار التطور الذي عرفه الشعر العربي الحديث، ظهر ما يسمى بشعر الرؤيا، حيث لم يكتفِ شعراء هذه الموجة بما تحقق من تجديد على مستوى بنية القصيدة وهندستها. فانتقلوا إلى مستويات أخرى، وأعادوا تشكيل عناصر الإيقاع والصورة الشعرية تشكيلا يمكن القارئ والمتلقي من الإسهام في تأويل القصيدة. وعبّروا بلغة غير مألوفة عن عالم غير مألوف، يختلط فيه الحلم بالخيال الخصب الخلاق. وانفتحوا على أعماق الذات الإنسانية في أبعادها الفردية والجماعية، بتوظيف مكثف للرموز والأساطير. ولم يعد الشاعر عندهم يكتفي بالتعبير عن الإحساس أو الرأي أو الموقف أو تصوير الأشياء الظاهرة. بل انتقل إلى الانسلاخ عن العالم المحسوس، والاهتمام بجوهره وما وراء الظواهر الطبيعية. ولم تعد عندهم اللغة ذات وظائف محددة، فصارت بِشارة تكشف الحقائق وتخدم الرؤيا وتخلق العالم، وصار الشعر موقفا من هذا كله.

One thought on “تقديم جاهز لتحليل قصائد شعر تكسير البنية – شعر تجديد الرؤيا

  • غير معروف

    تحية خالصة

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: هذا المحتوى محمي من النسخ !!