مادة اللغة العربية PDF – الامتحان الوطني لمسلك العلوم الإنسانية الدورة العادية 2022

نص امتحان مادة اللغة العربية “الرؤيا في الشعر العربي الحديث”

يغلب على الدراسات التي تناولت مسألة التجديد في الشعر العربي الحديث، الاكتفاء من الظاهرة بجانبها الشكلي. واعتبار الخلاف بين الشعر العربي القديم والشعر العربي الحديث خلافًا في بنية القصيدة وأشكالها. ولا شك في أن تناول قضيّة التجديد في الشعر العربي الحديث هذا التناول والوقوف بها عند هذا الحدّ. يحجب عن الباحث قضايا كثيرة، كتلك التي تتصل بالبحث عن حجم التجديد ومداه. وعما إذا كانت النصوص الشعرية الجديدة، قد صدرت جميعها عن رؤيا مخالفة. في خلفياتها الفكرية وأبعادها النظرية لتلك التي صدرت عنها النّصوص التقليدية. وهل استطاعت بالفعل أن تحمل في قرارها رؤيا كونية، تختلف عن تلك التي عبر عنها الشاعر القديم.

وهذه أسئلة لا يمكن الجواب عنها، إلا إذا اعتبرنا الشعر ظاهرة جمالية. وفهمنا الجمالية فهما يُوسع نطاقها، ويخرج بها في نطاق الشعر من جمالية اللغة إلى مجال التجربة الإنسانية. ويُحمّلها مشروعا يتضمّن رؤيا للكون ومنزلة للإنسان. فليست الجمالية في الشعر مقتصرة على شكله، ولا هي كائنة في الحدث الذي يعبر عنه. أو الطرف الذي يتعلّق به أو السياق الذي يقترن به؛ بل في المشروع الذي يحمله والرؤيا التي يصدر عنها. فليس التجديد، كما يقول أدونيس، أن نبتكر الجديد وحسب؛ بل هو أن يكون هذا الجديد جزءا في رؤيا جديدة للعالم.

فإذا كان الشعر صياغة جمالية بواسطة اللغة لرؤيا كونيّة، وتجربة إنسانية. فإنّ تجديد تلك الصياغة، لا يكون إلا إذا غيّر تلك الرؤيا ونال من تلك التجربة وجعلها تنفتح على إمكانات جديدة. وهذا ما عبّر عنه طه وادي بقوله: “إنّ التجديد في الشكل لا يُعَدُّ شيئا ذا قيمة. إلا إذا كان يحمل رؤيا جديدة للواقع، ويفصح عن موقف محدّدٍ منه يتسم بنظرة شاملة نفاذة. وإلا أصبحت المحاولة مجرد تجريب شكلي عقيم.. وارتباط التجديد بالرؤيا نابع من فهم للشعر، لا بحصره في منطقة الوجدان. ولا يعتبره مجرد انفعالات، ولا يجرده من كلّ محمول فكري. فالشعر مهما طفح بالعاطفة، وأبعد في الخيال، وأغرب في الأداء ليس مجرد تجربة انفعالية. لا تحمل رؤيا ولا تصدر عن موقف ولا تكتشف حقيقة. وإنّما هو صياغة جمالية لموقف جديد من الإنسان، ونظرة شاملة للعالم تنفذ إلى جوهر الأشياء.

ولما كانت نظرة الإنسان للكون وفهمه للظواهر المحيطة به خاضعين لناموس الزّمن. يطرأ عليهما من التحولات بحسب ما يجد في باب المعرفة من كشوف. ما انفكت اليوم تتراكم مما وسم الحركة بالعمق والشمول. فإنّ الجمالية بدورها ليست في معزل عن الحركة، بل هي في تحوّل مستمر. وهذا ما يجعل الشاعر العربي، مدعوا إلى أن يلتقط في شعره ما يجد في عصره من تحوّلات. لا يكتفي بمجرد رصدها. وإنّما ينفذ إلى جوهرها ويستشرف أثرها في وجود الإنسان ومصيره. وهذا هو معنى الرؤيا، كما عبّر عنه سامي سويدان قائلا: الرؤيا هي النظرة الفكرية النافذة. التي تتجاوز مظاهر الوجود إلى جوهره مستشرفة التطوّرات المقبلة، حادسة بالمستقبل الآتي، منذرة بأخطار قادمة. مستنهضة همما للمواجهة وطاقات للتجاوز والتخطي، طارحة الأسئلة الأكثر مصيرية حول الوضع الإنساني.

فالجمالية في الشعر الجديد تقوم على الكشف، لا على الوصف والزمن الذي تُعبّر عنه هو الحاضر. ينطلق منه الشاعر ليستشرف المستقبل، ومدارها الإنسان في جوهره وإنسانيته. مهما كانت العقيدة التي يحملها واللسان الذي ينطق به والزمان الذي ينتمي إليه. إنّها جمالية كونية إنسانيّة تتجلى أحسن ما تتجلى في الأعمال الخالدة. التي صدرت عن رؤيا إنسانية شاملة، واستطاعت أن تحوّل الخاص إلى العام وترتقي بما هو فردي إلى ما هو إنساني. وهذا ما يفسّر سفرها في الزمان وبقاءها وهاجة على مرّ الأيام لا ترتبط بطرف ولا ترتهن بظرف.

لقد تشكلت جمالية جديدة في الشعر العربي الحديث. استطاع أصحابها أن يكسروا الطوق ويكتبوا شعراً جديداً يضيق به من لا يُدرك الرّؤيا التي يصدر عنها. وتلك التجارب الرائدة هي في نظرنا منطلق تحوّل عميق في الشعر. ليس من السهل التكهّن بالغاية التي يجري إليها أو رسم النّقطة التي يمكن أن يقف عندها.

حاتم عبيد، التجديد في الشعر العربي المعاصر. مجلة رحاب المعرفة، السنة 9، العدد 50. مارس أبريل، 2006، منشورات رحاب المعرفة، تونس، ص. 3 وما بعدها. (بتصرف)

---

أولا درس نصوص مادة اللغة العربية

اُكتب موضوعا إنشائيا وفق تصميم منهجي متكامل ومنسجم، تحلل فيه هذا النص النظري. مستثمرا مكتسباتك المعرفية واللغوية والمنهجية، ومسترشدا بما يأتي:

• تأطير النص ضمن سياقه الثقافي والأدبي، ووضع فرضية لقراءته.
• تحديد القضية التي يطرحها النص، وعرض أهم العناصر المكونة لها.
• رصد مميزات “الجمالية” في الشعر العربي الحديث، كما وردت في النص.
• بيان الطريقة المعتمدة في بناء النص، وإبراز الأساليب الموظفة في عرض القضية التي يطرحها، ورصد مظاهر الاتساق في النص.
• صياغة خلاصة تركيبية لنتائج التحليل، ومناقشة قول طه وادي. “إنّ التجديد في الشكل لا يُعَدُّ شيئًا ذا قيمة إلا إذا كان يحمل رؤيا جديدة للواقع. ويفصح عن موقف محدّدٍ منه يتّسم بنظرة شاملة نفاذة، وإلا أصبحت المحاولة مجرّد تجريب شكلي عقيم“. مع إبداء الرأي الشخصي وتعليله.

---

ثانيا درس مؤلفات مادة اللغة العربية

ورد في رواية “اللص والكلاب” ما يأتي:

نجیب محفوظ، اللص والكلاب، دار الشروق القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 2006، ص 99 وما بعدها.

انطلق من هذا المقطع ومن قراءتك الرواية، واكتب موضوعا متكاملا تنجز فيه ما يأتي:

• وضع المؤلف في سياقه العام.
• تحديد موقع المقطع ضمن المسار العام لأحداث الرواية.
• إبراز دور “المسدس” باعتباره قوة فاعلة أسهمت في نمو الأحداث وتطورها.
• تركيب المعطيات المتوصل إليها لإبراز قيمة الرواية الأدبية والفنية.

---

نص وأسئلة امتحان مادة اللغة العربية PDF