منهجيات

منهجية تحليل نموذج شعري من الاتجاه الرومانسي – قصيدة ليل وصباح لعبد الكريم بن ثابت PDF

إذا كان الـموقف الكلاسيكي قد ظل مشدودا أكثر فأكثر إلى الوراء، وكان كل هاجس أصحابه بعث وإحياء النموذج الشعري العربي القديم. فإن سُنّة التغيير اقتضت أن يظهر خطاب شعري جديد، بتصور ومنظور وموقف جديد أيضا. ولم يكن هذا الخطاب الجديد سوى “الاتجاه الرومانسي” أو ما يعرف بـ”سؤال الذات“. وإذا كان هذا الاتجاه قد ظهر لأول مرة بمصر، في عشرينيات القرن الـماضي (1921م). نتيجة الاحتكاك الثقافي الذي عرفه الـمشرق العربي بالغرب، فإنه قد امتد إلى كل الأقطار العربية. وهكذا كان له أنصار في الـمغرب، وعلى رأسهم عبد الكريم بن ثابت الذي يعتبر أحد أبرز ممثلي جماعة أبولو ببلادنا. وهي الجماعة التي ساهمت أكثر من غيرها في تنظير التجربة الرومانسية، وتجذيرها في تربة الشعر العربي الحديث. وفضلا عن مؤشر صاحب النص، يمكن اعتبار العنوان والـمصدر والشكل الطباعي واللازمة التي تتكرر بعد نهاية كل مقطع في النص… مؤشرات أخرى إضافية، تدل على أن هذا النص ينتمي إلى الاتجاه الرومانسي.

وأن يكون الأمر كذلك، فإلى أي حد استطاع هذا النص أن يجسد خصائص هذا الاتجاه ؟

تتألف القصيدة من أربعة مقاطع، يحتوي كل منها على خمسة أبيات. بالإضافة إلى شطرين شعريين، وبيت شعري سادس بمثابة “لازمة” تتكرر بعد كل مقطع:

– المقطعان (1 و2): وفيهما يكشف الشاعر عن تأمله في الليل. الذي ضم فئتين متعارضتين من الناس (فئة النوام – فئة الساهرين)؛ فالليل – كما يصفه الشاعر۔ غارق في سكونه. بينما الشاعر سهران يشكو معاناته، ومن حوله أناس وقوم نیام. لكن آخرين مثله ساهرون يكابدون معاناتهم، وهؤلاء طوائف منهم: الفنانون، والعشاق، والدعاة، والحمقی…

المقطع الأول والثاني

– الـمقطع (3): وقد خصه الشاعر لتصوير جمال الليل. ومن مظاهر هذا الجمال أن النجوم والبدر ترقص بشعاعها على الماء. وحضر المروج وجرد البقاع تتبسم للبدر بين السحاب. وماء الجداول بين الضيعات يتلألأ كجبن مذاب. ولأن هذا الجمال الليلي في طريقه إلى الاختفاء، فلن يكون للشاعر سوی التحسر والحزن.

– الـمقطع (4): وفيه يعلن الشاعر عن تحول إيجابي في موقفه. وهذا التحول قد ارتبط بانبثاق زمن جديد هو”الصباح” الذي يناقض “الليل”. فاللوحة الجميلة التي يرسمها الشاعر لمنظر إطلالة الصباح (كأنه طفل على مهده يبتسم. أو كعذراء بين مروج البطاح تتيه وترقص وتحلم. أو كثغر الورود كخد الأقاح على سهل ضاحك ينعم). والصفات الإيجابية التي ألحقها الشاعر بهذا الصباح أيضا (حين تم ربطه بالجهاد والعمل والـمثابرة والكفاح). كل ذلك عكس تحولا إيجابيا في نفس الشاعر. وذلك من حالة حزن وأسى بزوال منظر الليل الجميل، إلى حالة فرح وأمل ببزوغ صبح جديد.

المقطع الثالث والرابع

وكما يبدو فكل الـمقاطع تنتهي بنداء وسؤال إلى النفس حول سر وكيفية العيش (يا نفس هل تعلمين…؟). ولا يتلقى الشاعر عن ذلك جوابا سوى الصمت العميق الرهيب، إلا في الـمقطع الأخير. حيث ترد النفس بأنها تعيش للخلود والعطاء، وذلك موقف تعكسه الرؤية العامة للشاعر في هذه القصيدة.

 واضح إذن من خلال مضامين النص، أن الشاعر يستثمر مضامين شعر الاتجاه الرومانسي. ويبدو ذلك جليا في شيوع النزعتين: التأملية الفلسفية، والوجدانية العاطفية.


وبالانتقال إلى “الـمعجم“:

نجد أنه بالإمكان تقسيمه إلى حقلين دلاليين: الذات والطبيعة. وفيما يلي الألفاظ والعبارات الدالة على كل حقل، وكذا العلاقة القائمة بينهما:

سهرتُ، بتُّ، أشاهد، دموعي، فؤادي، الأسى، الضجر، الحب، البشر، الجنون، حولي، صمت، فاضت…

شعاع القمر، الغصون، ظل الشجر، الهضاب، خضر الـمروج، الصبح، نجوم، بدر، الشعاع، الـماء، السحاب، الجداول، الضياع، الصباح، مروج البطاح، الورود…

تفاعل وتناغم وانسجام؛ فالشاعر وصف مشهدين أساسيين هما: منظر “جمال الليل”، ومنظر “طلوع الصباح”. وفي كلا الـمشهدين أبان عن نوع من التفاعل والتناغم والانسجام.

فالمعجم – كما يبدو- مثقل بحمولات نفسية، كما أنه يتسم بالرقة والليونة، وبالسهولة والوضوح. ويرتبط بحقلي (الذات) و (الطبيعة)، وما بينهما من ترابط وتكامل، وهذا ما يُميّز شعر الاتجاه الرومانسي.

أما “الصورة الشعرية” في هذا النص:

فيمكن رصد معطياتها كالآتي :

– تبدو نسبة الصور فوق الـمتوسط في النص، وهذا ما يجعله يكتسي طابعا فنيا وانزياحيا.

– يمكن التمييز في هذه القصيدة بين ثلاثة أنماط من الصور. فهناك من جهة الصور الجزئية التي تتوزع عبر أبيات متفرقة من النص كالأبيات: (17- 18- 19- 20-21…) على سبيل الـمثال. وهناك من جهة ثانية الصورة الـمركبة. التي تتكون من عدد من الصور الجزئية الـممتدة عبر الأبيات من 1 إلى 5 مثلا. وهناك من جهة ثالثة الصورة الكلية التي يعكسها النص برمته، وتتمثل في صورة التفاعل والتناغم الحاصل بين الشاعر والطبيعة. وهذا التنوع في أنماط الصور، إن دل على شيء، فإنما يدل على أن النص ينحو منحى تجديديا. وهذا ليس بغريب عن الاتجاه الرومانسي الذي يرجح كفة “مظاهر التجديد” على كفة “مظاهر التقليد”.

– تتنوع مكوّنات الصورة في النص، بين: التشبيه (الأبيات: 2- 19- 25 -26-27)، والاستعارة (الأبيات: 1- 8- 16- 24- 32…). باعتبارهما مكوّنيين بلاغيين تخييلين تقليديين. وبين الرمز (الليل: كرمز للحزن والحيرة والتأمل + الصباح: كرمز للفرح والأمل والعمل) بوصفه مكوّنا تخييليا جديدا.

» وهذا التأرجح بين التقليد والتجديد، وبین الـمحافظة والتطوير، هو من صميم خطاب سؤال الذات أيضا.

 – أغلب الصور تجعل من الذات و الطبيعة محورا لدلالاتها. والدليل على ذلك كل مقاطع هذا النص بدون استثناء. وهذه خاصية تميز دلالة الصورة في قصيدة الاتجاه الرومانسي. وذلك بخلاف نظيرتها في القصيدة الكلاسيكية التي تتمحور، في الغالب، حول الآخر أولا، ثم الذات ثانيا. أما “الطبيعة” فقد تحضر في القصيدتين معا، ولكن من منظور مختلف طبعا. فإذا كانت توجد في الشعرالكلاسيكي – للدلالة على أشياء العالم الخارجي، وبغاية زخرفية تأثيثية لمشهد النص. فإنها تحضر- في الاتجاه الرومانسي – کرمز إلى شيء ما، كالفطرة، أوالحرية، أوالصفاء، أوالاستقرار، أو الأمن، أوالراحة، أوالأمل… وكوسيلة للتعبير عن الحالات النفسية التي تنتاب الشاعر.

– مرجعيات معظم الصور ذاتية (مستمدة من ذات الشاعر، كما في المقطع الأول مثلا). أو محسوسة (مأخوذة من العالم الحسي وبالذات عالم الطبيعة، كما في المقطع الأخير مثلا).

– في أغلب الصور، تبدو العلاقة بين طرفي الصورة قائمة على:

  • المشابهة: ومن أمثلتها في النص الصورة الاستعارية الواردة في البيت (1). والصورة التشبيهية الواردة في البيت (2). وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر طبعا.
  • التشخيص: ومن نماذجه الأشطر المرقمة بالأرقام التالية (6- 14- 22- 30). وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر أيضا.
  • التجرید: ومثاله قول الشاعر وبت أشاهد ظل الشجر كاني آشاهد بعض الظنون.
  • القرب: سواء بين طرفي الصورة في كل الصور تقريبا، أو بين الصور في كليتها ومجملها والمتلقي.

– تتمثل وظائف الصور فيما يلي:

  • الوظيفة التعبيرية الانفعالية: وهي الوظيفة التي تنهض بها صور المقطعين “1 و2”. والتي تعكس مشاعر صاحبها في تفاعله مع مشهد “الليل” مثلا.
  • الوظيفة الوصفية التصويرية: وهي الوظيفة التي تلعبها صور المقطعين “3 و4”. والتي تضطلع بوصف جمال الليل وتصوير مشهد طلوع الصباح.
  • الوظيفة التأثيرية التفاعلية: وهي الوظيفة التي تروم إشراك المتلقي فيما يحس به الشاعر. وهذا ينطبق على كل الصور الواردة في النص تقريبا.
  • الوظيفة الجمالية الإستيطيقية: باعتبارها الوظيفة الجوهرية والأساسية لكل الصور الشعرية في هذا النص.

وفيما يخص “الإيقاع“:

يمكن التمييز بين نوعين: خارجي، وداخلي.

ونعالجه من خلال العناصر التالية: الوزن، القافية والروي.

* الوزن: ويتمثل في بحر “المتقارب التام” (فعولن8x). وهو من البحور الطويلة والصافية. ويبدو أنه خضع في النص لبعض التنويعات، منها:

– دخول زحاف (القبض على بعض تفعيلات الحشو (فعولن فعول).

– دخول علة (الحذف) على تفعيلتي: العروض والضرب (فعولن فعو » فعل).

وللاستدلال على ما نقول يمكن تقطيع البيت 1 على النحو الآتي:

وأن يكون البحر بطول ثماني تفعیلات، فليستوعب حالة السهر التي يعيشها الشاعر طيلة الليل وإلى غاية طلوع الصبح. وأن يكون من البحور الصافية، فلكي يعكس حالة الهدوء والصفاء والاستقرار. الذي يجب أن يحظى بها الشاعر كي يظفر بتأمل ممتع لمشهد بديع. وأن يخضع هذا البحر لزحاف القبض وعلة الحذف. فذلك ما يساهم في إضعاف حالة البطء والسكون (الليل)، والرفع من إيقاع السرعة والحركة (الصبح). وهذا بالفعل هو اتجاه الزمن في هذا النص.

* القافية والروي:

فالقافية “مقطعية”، أساسها بناء كل مقطع من مقاطع القصيدة تقريبا على قافية معينة. وداخلية (قائمة على تقفية صدور الأبيات في كل مقطع بقافية محددة. ومتنوعة لأن رویها متنوع أيضا؛ فهي نونية في المقطع (1). بائية في المقطعين (2 و 3)، ميمية في المقطع (4)، وعينية في البيت (7) من كل مقطع. وهي أيضا مقيدة في المقاطع (1 و2 و3)، وفي البيت (6) من كل مقطع. ومطلقة في المقطع الأخير، وفي البيت (7) من كل مقطع. كما نجدها مترادفة في المقاطع (1 و2 و3) وفي البيت (6) من كل مقطع. ومتداركة في المقطع الأخير، وفي البيت (7) من كل مقطع.

أما الروي فمتنوع أيضا، ويتجلى في الأصوات التالية: (النون – العين – الباء – الميم). فالصوت الأول لثوي. مجهور متوسط والثاني حلقي. مجهور رخو، والثالث شفوي مجهور شديد، والرابع شفوي مجهور- متوسط. ولا شك أن هيمنة صفة (الجهر) لها ما يبررها في النص. لأن الشاعر لم يعد يقوى على كتم حالة إعجابه، ولجم درجة انفعاله. وهو يتأمل ويتفاعل مع أجمل وأبدع مشاهد الطبيعة، وهما: (رحيل الليل)، و(حلول الصبح).

ولا شك أن القافية والروي بهذا التنوع، يفسحان المجال أكثر للنفس کي تعبر عن مكامنها. وهذا مظهر آخر من “مظاهر التجديد” في هذا النص. وإن كان قد تم الإبقاء على وحدة الوزن (المتقارب التام) كمظهر من “مظاهر التقليد”.

وقد كان له دور بارز في هذه القصيدة. ويمكن تتبع مظاهره من خلال أشكال “التكرار” و”التوازي” الواردة في النص.

ويمكن رصدها من تكرار أصغر وحدة لغوية ممكنة (الحرف) إلى أكبرها (الجملة).

  • تكرار الحروف: من قبيل (الراء، النون، العین، الباء، الحاء، الميم…). وهذه الحروف أو الأصوات تحمل الصفات الخارجية والداخلية التالية: لثوي مجهور متوسط. لثوي مجهور متوسط – حلقي مجهور رخو. شفوي مجهور شديد – حلقيا مهموس رخو – شفويا مجهور متوسط). وهذه الصفات المتنوعة تتناغم مع الحالات النفسية المتقلبة للشاعر.
  • تكرار الكلمات: وتحت هذا العنوان يمكن رصد أنماط مختلفة من التكرار. ک: تكرارالتطابق [(أشاهدا أشاهد) – (من 5 مرات ) – (بدرا للبدر) – (الماء ماء) – (جمال جمال) – (الكفاح الكفاح)]. تكرار التجانس: [(الظنون/ الفنون الفتونا الجنون) – (تسأموال تسلموا)]. جناس الاشتقاق: [(سهرت السهر) – (الحبيب الحب) – (تبسمنا يبسم) – (نادى المنادي)]. تكرار الترادف: (الأنام / القوم). تكرار التناسب: (التياع / حزن / الأسى / الضجر).
  • تكرار الصيغ الصرفية: من قبيل (الفعول – الفعل – الفعال – يفعل – تفعلوا). ومن أمثلتها في النص: (الغصون/ الظنون/ الفنون الفنون الجنون الضلوع / الخشوع / الركوع / الجموع). (الشجر/ السهر/ الضجر/ القمرا البشر). (البقاع / الضياع / الصراع / البطاح). (بسم / ينعم / ينفع). (تسلموا تسأموا).
  • تكرار الجمل: (وناديت يا نفس هل تعلمين 4 مرات). (لماذا وكيف أقضي السنين 4 مرات). (تكرار البيت المرقم ب 8 و16 و24).

  • التوازي الصوتي الإيقاعي: کتوازي الأشطر (14/7/6/ 22/ 30). وتوازي الأشطر (7/ 15 / 23 / 31). وتوازي الأبيات (8 / 16 / 24).
  • التوازي الصرفي التركيبي: (أشاهد ظل الشجر/ أشاهد بعض الظنون). (نام الأنام / حل السهر). (من بات يشكو / من بات يطلب). (شطرا البيت 20). (فما من سلام / وما من نجاح).
  • التوازي الدلالي القائم على التضاد: [(خضر المروج / جرد البقاع) – (نام الأنام / حل السهر)].
  • التوازي الدلالي القائم على التناسب: [(كطفل على مهده يبسم / كعذراء بين مروج البطاح / كثغر الورود / كخد الأقاح)]. فكل هذه التعابير تتناسب للدلالة على موضوع واحد: (جمال مشهد طلوع الصباح).

وانتـهاء إلى مكون “الأسلوب”:

يمكننا رصد الـمعطيات الآتية:

  • إذا حاولنا تحديد الأطراف التواصلية المتفاعلة في النص، وكذا العلاقات القائمة بينها، وجدنا هيمنة للذات المتكلمة / الشاعر. والتي نسجت علاقات مع الأخر الـمتغير (الأنام، القوم، من أتلفته سبيل الفنون، من بات يشكو، من قاده الحب. من ظل يطلب خير البشر، من ألبسوه رداء الجنون، بعض هجوع. بعض حبيب يناجي الحبيب، بعض يصلي، بعض يكد ليفني الجموع). وتتجلى هذه العلاقات أساسا في (تقاسم المعاناة) بين الشاعر وفئات الساهرين.
  • تحضر ذات الشاعر، في النص، من خلال ضميري: المفرد المتكلم (سهرت، بت، أشاهد، كأني، ناديت، أقضي، تلفت، فؤادي، حولي). والجمع المتكلم (لدينا).
  • تم توظيف أساليب إنشائية من قبيل: الاستفهام (14/8/7/6/ 15 / 16 / 17/ 22 / 23 / 24 / 30 / 31). والنداء (6 / 14 / 22/ 30). والأمر (الكفاح / الكفاح / داووا)، والنهي (فلا تسأموا). وهذه الأساليب قد لعبت دورا كبيرا في الكشف عن انفعالات الشاعر وتجربته الذاتية في تفاعلها مع الطبيعة.
  • يبدو أسلوب النص سرديا، هادئا، ناعما، لينا، رقيقا، هامسا، انفعاليا، لأن فيه إخبارا ونقلا لتجربة تأملية – عاطفية. كما يبدو بسيطا، واضحا، سهلا ، تواصليا، انتقائيا، معبرا، لأن الشاعر يريد نقل مشاعره وإشراك المتلقي في هذه المشاعر.
  • تم اللجوء أحيانا إلى أسلوب المونولوج أو المناجاة: ويتجلى ذلك من خلال اللازمة التي تتكرر بعد كل مقطع تقريبا. وهي: وناديت يا نفس هل تعلمين لماذا وكيف أقضي السنين ؟ فباءت بصمت عمیق رهيب وفاضت دموعي وهل تنفع ؟

مما سبق، نستطيع أن نخلص إلى أن النص يعكس تجربة التفاعل بين الذات الشاعر والطبيعة. ولنقل هذه التجربة تم التوسل بجملة من الإمكانيات التعبيرية والفنية من قبيل:

  • توظيف معجم بحمولات نفسية ثقيلة، معجم لين ورقيق، سهل وواضح، مألوف وتواصلي، معجم مرتبط بحقلي: (الذات) و(الطبيعة).
  • اعتماد صور شعرية متوسطة في عددها، ومتنوعة في أنماطها. بمكونات تقليدية وجديدة، وبدلالات رومانسية، وبمرجعيات حسية وذاتية. وبعلاقات تقوم على المشابهة والتشخيص والتجريد والقرب، وبوظائف انفعالية وتعبيرية ووصفية وتأثيرية وجمالية.
  • اعتماد وحدة الوزن، وتنويع القافية والروي من حيث الإيقاع الخارجي، وأشكال التكرار والتوازي المختلفة من حيث الإيقاع الداخلي.
  • توظيف أسلوب تداولي سردي هادئ ناعم لين رقيق هامس انفعالي من جهة. بسيط واضح سهل تواصلي انتقائي معبر من جهة ثانية.
  • استثمار الطاقات التعبيرية التي تتيحها بعض الأساليب الإنشائية للتعبير عن الحالات الانفعالية.
  • هيمنة ضمير المتكلم في النص، مما يعطي حضورا لافتا اللذات، ولكن من دون تهميش الآخر الـمتغير.
  • اعتماد هندسة تختلف عن البناء التقليدي المألوف. وبهذا الخصوص يبدو أن الشاعر قد استوحي شكل أو بناء “الـموشح”، وذلك بعناصره المعروفة (القفل، الدور، الغصن، الخرجة…).

ولا شك أن نصا بهذه الخصائص المضمونية والشكلية يجسد -بامتياز- انتماءه إلى الاتجاه الرومانسي. وهذا ليس بغريب عن عبد الكريم بن ثابت، الذي يعتبر أحد الأعمدة الكبار لهذا الاتجاه في المغرب.


One thought on “منهجية تحليل نموذج شعري من الاتجاه الرومانسي – قصيدة ليل وصباح لعبد الكريم بن ثابت PDF

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: هذا المحتوى محمي من النسخ !!