مؤلفات

اللص والكلاب – تحليل البعد الاجتماعي للمؤلف الروائي

اشتهر نجيب محفوظ في مجمل رواياته، بتصوير الواقع المصري الاجتماعي تصويرا. تظهر من خلاله الصورة الحقيقية للبنية الاجتماعية المصرية، كما تبدو من خلاله معاناة الإنسان المصري الاجتماعية.

تصور رواية اللص والكلاب واقعيا اجتماعيا متناقضا، أفرزته التحولات السياسية في خمسينيات القرن 20. تختصره فئتان: فئة الأغنياء التي يمثلها رؤوف علوان، والتي تمتلك كل شيء. وفئة الفقراء التي يمثلها سعيد مهران، والتي تفتقر لأبسط متطلبات العيش الكريم. وهو تناقض اجتماعي سيؤدي إلى ظهور أمراض اجتماعية خطيرة كالسرقة. التي اعتبرها سعيد مهران وسيلة لإعادة حق الفقراء، والمتاجرة في المخدرات والذي يمارس ذلك هو المعلم طرزان. ناهيك عن الدعارة التي تمارسها نور. ولا تتوقف تداعيات هذا التناقض في ظهور أمراض اجتماعية فقط، بل في ممارسات أخرى أكتر تعقيدا. كالخيانة والنفاق والانتهازية التي ذهب ضحيتها سعيد مهران.

هكذا يبدو جليّاً أن رواية اللص والكلاب رواية نقدية، تنتقد وبشدة الواقع الاجتماعي الذي أفرزته الثورة. والذي عمق من معاناة الطبقة الفقيرة وزاد من همومها. إلى درجة أن أسرا كثيرة قد تفككت علاقاتها نتيجة الفقر والحاجة. واضطرت إلى بيع شرفها ومبادئها أو النضال من أجل تحققها إلى آخر أنفاس الحياة. فمن يتحمل مسؤولية هذا الواقع الجديد ؟

إذا كانت علاقة البطل (سعید مهران)، في رواية “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ. بغيره من الشخصيات الأخرى، وتفاعله معها (بالسلب أو الإيجاب) خير محدّد لطبيعة سلوكه الاجتماعي. فإن ذلك ما يعين المتلقي وييسّر له طريق قراءة الرواية وتعرّف أحداثها ووقائعها المختلفة.

ينحدر سعید مهران ابن العم مهران العجوز، بواب عمارة الطلبة وحارسها من أصول اجتماعية متواضعة. عانى طيلة فترة طفولته من التهميش والفقر، كما شارك أباه خدمة الطلبة، ورافقه أيضا إلى زاوية الشيخ علي الجنيدي… غير أن إعجابه بهيبة الشيخ ووقاره وطقوس مريديه الصوفية، لم يَحُلْ دون جنوحه وتمرده. وتعاطيه للسرقة بتشجيع من صديقه وأستاذه الطالب السابق “رؤوف علوان”. الذي اعتبر صدور ذلك الفعل الجرمي محاولة منه لإحقاق العدالة الاجتماعية الغائبة. وقصاصا من جشع الأغنياء وتكالبهم على جمع الثروات بغير حق مشروع. قبل أن يتنكر لهذه المبادئ فيما بعد، حينما صار صحفيا مرتزقا يشارك هؤلاء الأثرياء بعض أسباب الثراء والنفوذ (الفيلا، المجلة…).

باختصار شديد، يمكن القول إنّ مجمل الخصائص الاجتماعية كالفقر والتهميش… كانت في مجموعها حافزاً للبطل سعید مهران للجنوح إلى الجريمة، وما يتعلق بها من مخاطر وآفات مختلفة. يُضاف إلى ذلك ظروفه وأوضاعه، وعلاقاته المتصالحة أو المتعارضة بغيره من الشخصيات الروائية. وفي مقدمتها غرماؤه الثلاثة: زوجته نبوية، ومساعده عليش سدرة، وأستاذه السابق رؤوف علوان.

One thought on “اللص والكلاب – تحليل البعد الاجتماعي للمؤلف الروائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: هذا المحتوى محمي من النسخ !!