مؤلفات

رواية اللص والكلاب – منظور تتبع الحدث : المتن الحكائي والحبكة والرهان ودلالات الحدث وأبعاده

تحكي رواية اللص والكلاب قصة مثقف بسيط يدعى سعيد مهران. دخل السجن وخرج منه في عيد الثورة، بعد أن قضى فيه أربع سنوات غدرا، دون أن يجد أحدا في انتظاره. ويقرر بعدها الذهاب إلى منزل عليش، لاسترجاع ابنته سناء وماله وكتبه. فيفشل في ذلك وتسود الدنيا في وجهه أكثر عندما جفلت منه ابنته سناء ورفضت معانقته لأنها لا تعرفه. وللتخفيف من حدة الانفعال وإحياء لبعض ذكريات ماضيه، قرر الاستقرار مؤقتا برباط علي الجنيدي، الذي قضى عنده ليلته. ولكن روحانية المكان وطقوسه الخاصة، جعلت سعيدا لا يرتاح كثيرا للإقامة بهذا المكان المليء بالمنشدين والمريدين. لذلك قرّر اللقاء بأستاذه رؤوف علوان ذلك الصحفي الناجح الذي صار من الأغنياء، قصد تشغيله معه في جريدة الزهرة.

فاتجه بداية إلى مقر جريدة الزهرة، ثم بعد ذلك نحو فِيلَّتِهِ. وهناك سيُفاجأ سعيد مهران بفكر جديد لرؤوف علوان يقدس المال، ولا يكترث للمبادئ والقيم النضالية. كما سيفاجأ برغبته في إنهاء علاقته، به خاصة عندما رفض طلب تشغيله. وأعطاه مبلغا من المال، ليدير شؤون حياته بمفرده بعيدا عنه. مما اضطر سعيد مهران إلى التفكير في الانتقام منه، فقرر العودة إلى فيلته في تلك الليلة لسرقتها. لكنه وجد رؤوف علوان في انتظاره لأنه عليم بأفكار تلميذه، فهدده بالسجن واستعاد منه النقود وطرده من البيت. وخرج سعيد ليلتها مهزوما ومشاعر الحقد والانتقام تغلي في دواخله، فلقد اكتمل عقد الخيانة. وباكتماله تبدأ رحلة الانتقام، وتسود الدنيا في وجهه ولا يجد ملاذا أفضل من مقهى المعلم طرزان. الذي لم يتردد لحظة في إهدائه مسدسا، سيكون له دور كبير في مسلسل الانتقام.

وفي ذات المكان، سيلتقي بنور. التي بدورها ولدافع حبها الشديد له مذ كان حارسا لعمارة الطلبة، ستوفر له المأوى والطعام والشراب والجرائد والسيارة. ولما توفرت له شروط الانتقام (المسدس والسيارة)، ذهب مباشرة لقتل عليش في منزله. لكنه أطلق النار على حسين شعبان الرجل البريء، الذي اكترى شقة عليش بعد رحيله. لكن سعيد مهران لم ينتبه لذلك، ولم يــعــرف خطأه حتى اطلع على الجرائد. وفي خضم هذه الأحداث استغلت جريدة الزهرة الأوضاع وبدأت بقلم رؤوف علوان تبالغ في وصف جرائم سعيد مهران. وتنعته بالمجرم الخطير الذي يقتل بدون وعي. الشيء الذي سيشعل نار الغضب في قلب سعيد، فيقرر قتل رؤوف. خاصة بعدما ساعدته نور في الحصول على بذلة عسكرية. ليستهل انتقامه بالقبض على المعلم بياضة بهدف معرفة الاقامة الجديدة لعليش ونبوية، لكن دون جدوى.

فعاد إلى بيت نور، وارتدى بذلته العسكرية. واستقل سيارة أجرة، ثم اكترى قاربا صغيرا ليتجه صوب قصر رؤوف علوان للانتقام منه. وفور نزوله من سيارته أطلق سعيد مهران عليه النار. لكن رصاصات الحراس السريعة والكثيرة، وإصابته بإحداها جعلته يخطئ هدفه، فأصاب بوابا بريئا بدل غريمه. وأثناء اطلاعه على الجرائد التي أمدته بها نور، تعرف على خطئه فشعر بندم شديد. واسودت الدنيا في وجهه، مع استمرار جريدة الزهرة في تحريض الرأي العام ضده. إلى أن انتهت حياته في مقبرة، بعد أن حاصرته الشرطة وأطلقت عليه الرصاص من كل جانب. فاستسلم بلا مبالاة بلا مبالاة، وحلّت بالعالم حال من الغرابة والدهشة.


الحُبْكة هي النسيج الذي يرصد الأحداث في اتصالها وانفصالها واتجاهاتها. وتنقسم إلى تقليدية تتوالى فيها الأحداث بشكل متسلسل، وأخرى مفككة لا تخضع لتسلسل منطقي. ويبدو أن الحبكة المعتمدة في رواية اللص والكلاب تقليدية. بدليل قيامها على الأسباب المؤدية إلى النتائج؛ فكل حدث فيها يؤدي إلى حدث آخر. وهكذا تقوم الأحداث على مجموعة من الأسباب؛ فالخيانة التي تعرض لها سعيد دفعته للانتقام. واكتراء حسين شعبان لمنزل عليش جعلت الرصاصة تصيبه. ووشاية عليش ونبوية جعلت سعيدا يدخل السجن…


ينقسم الرهان في الرواية إلى رهان المحتويات ورهان الخطاب: يتأسس رهان المحتويات حول الشخصيات والموضوعات المتنازع عليها. أما رهان الخطاب فيقوم على علاقة المؤلف مع المتلقي أو علاقة النص مع المتلقي. وإذا عدنا إلى متن اللص والكلاب وجدنا أن رهان المحتوى الذي له علاقة بالشخصيات يتراوح بين الفشل والنجاح. فسعيد مهران يفشل في تحقيق رهانه الكلي المتمثل في تحقيق مشروعه النضالي وتحقيق العدالة الاجتماعية. ويتراجع عن هذا الرهان إلى رهان آخر جزئي وهو الانتقام من خصومه دون أن يحققه. بخلاف غريمه رؤوف علوان الذي استطاع تحقيق رهانه المتجسد في الحصول على الثروة وإن كانت الطريقة وصولية انتهازية. أما رهان الخطاب أو النص ككل فيمكن حصره في كون المحاولات الفردية لتغير الواقع مآلها الفشل. فلا يمكن لفرد مهما أوتي من ذكاء وعزيمة وإصرار أن يغير واقع أمة مهما كان الواقع مأساويا وظالما. فالتضحيات يجب أن تكون جماعية لكي ينتصر الخير على الشر، والحق على الباطل، والعدل على الظلم.


إن كل الإشارات التاريخية التي وردت داخل مؤلف اللص والكلاب، تشير إلى أن الرواية لها علاقة بواقع مصر. السياسي والاجتماعي لما بعد الثورة المصرية سنة 1952 م. ومن هذا المنطلق، أمكن لنا أن نقول: إنّ رواية اللص والكلاب رواية تستهدف بأبعادها كشف واقع مصري. يعاني معاناة اجتماعية ونفسية نتيجة السلوك الانتهازي لبعض الأفراد. الذين غيروا قناعاتهم النضالية ومواقفهم، استجابة لمتغيرات نهاية مرحلة الخمسينيات والستينيات. ونتيجة لإرضاء مآربهم الشخصية، دمّروا بمواقفهم المتغيرة أسرا كثيرة، وحكموا على الشعب بشكل عام بالفقر والجوع والقلق الوجودي والروحي.

3 thoughts on “رواية اللص والكلاب – منظور تتبع الحدث : المتن الحكائي والحبكة والرهان ودلالات الحدث وأبعاده

  • غير معروف

    شكرا على هذه المعلومات ولكن يجب أن تكون دقيقة ومفصلة أكثر
    وشكرا

    Reply
  • غير معروف

    طوب خويا

    Reply
  • غير معروف

    واش دائما كايعطيو اللص والكلاب

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: هذا المحتوى محمي من النسخ !!