مؤلفات

ملخص القسم الثاني PDF نحو شكل جديد – ظاهرة الشعر الحديث

يستهل الناقد أحمد المجاطي القسم الثاني، بالمقارنة بين التيارين الإحيائي والذاتي. فإذا كانت القصيدة الإحيائية تعتمد على امتلاء الذاكرة وتقليد النموذج، فإن التيار الوجداني قد استخدم لغة أكثر سهولة ويسر من لغة القصيدة الإحيائية. التي كانت تميل إلى رصانة اللفظ وجزالة الأسلوب وبداوة المعجم، بل تستعمل القصيدة الوجدانية لغة الحديث المألوف ولغة الشارع. كما عند العقاد في الكثير من قصائده الشعرية، ولاسيما قصيدته” أصداء الشارع” الموجودة في ديوانه” عابر سبيل”. كما أن الصورة الشعرية البيانية صارت تعبيرية وانفعالية وذاتية ملتصقة بتجربة الشاعر الرومانسي. بينما اقترنت الصورة الشعرية لدى الإحيائيين بالذاكرة التراثية مستقلة عن تجربة القصيدة الذاتية، وغالبا ما تأتي للتزيين والزخرفة ليس إلا.



لقد أراد الشاعر الوجداني أن يجعل للصورة وظيفة أساسية. وأن تكون هذه الوظيفة نابعة من تجربته الذاتية، ومن رؤيته للحياة، عبر تلك التجربة. ولم يعد التدبيج والزخرفة هدفه الأساسي من استخدامها، لا بل إن هذه الوظيفة أصبحت ذات علاقة بوظائف العناصر الشعرية الأخرى، من أفكار وعواطف وأحاسيس، ومن هذه العلاقة الأخيرة، تنشأ خاصية أخرى من خصائص الشكل في القصيدة الوجدانية الحديثة، هي خاصة الوحدة العضوية.

فكما أراد الشاعر الوجداني أن يربط بين الصورة وبين عواطف الشاعر وأحاسيسه، أراد كذلك أن يربط هذه العواطف والأحاسيس والأفكار يبعضها. ومن القصائد الوجدانية التي تتمثل فيها خاصة الوحدة العضوية، قصيدة “حكمة الجهل” لعباس محمود العقاد. التي يحافظ فيها الشاعر على الرابط العضوي والمنطقي. لذا من الصعب أن يخل الدارس بتسلسل الأبيات تقديما وتأخير هذا. وقد مال الوجدانيون إلى تحقيق بعض الملامح التجديدية في أشعارهم. كتنويع القوافي والأوزان، وتشغيل الوحدة العضوية في بناء القصيدة، واستعمال القصائد والمقطوعات المتفرقة، وتليين اللغة وترهيفها وإزالة قداستها البيانية، وتوظيف القافية المرسلة والمزدوجة والمتراوحة، واللجوء إلى الشعر المرسل. لكن هذا التجديد سيواجهه النقاد المحافظون بالمنع والتقويض. كمصطفى صادق الرافعي وطه حسين والعقاد في إحدى مراحله النقدية وإبراهيم أنيس صاحب كتاب ” موسيقا الشعر”.

لم يكن التجديد الذي جاء به شعراء التيار الذاتي على مستوى الشكل، صفة ملازمة لجميع شعراء هذا التيار. بل لم يتحقق إلا في بعض القصائد النخبوية. والسبب راجع إلى تشدد النقد المحافظ، الذي لم يكن مستعدا لتقبل الجديد. أما السر في انحصار التطور والتجديد على مستوى الشكل في هذا الحيز الضيق من الشعر الوجداني، فيرجع في نظر الناقد إلى تلك الحملة التي شنها النقد المحافظ على الحركة التجديدية. منذ أن رأى محاولاتها تستهدف اللغة والأوزان والقوافي والصور البيانية”. ويكفي أن نذكر من أولئك النقاد المحافظين مصطفى صادق الرافعي، الذي نبه جبران إلى أن اللغة العربية مقدسة يجب الحفاظ عليها. وطه حسين الذي نعث قصيدة إليا أبي ماضي بالجنون. في قوله “فإذا أردت العبث الذي لاحد له بالموسيقى الشعرية فاقرأ قصيدة المجنون، فترى أنها جنون كلها”. فاعتبر بذلك جديد إليا أبي ماضي جنونا وعبتا وحكي لجنون المجانين.

ولما كان الأمر كذلك، كان لا بد أن تتأثر تلك المحاولات التجديدية بذلك النقد المحافظ. الذي وصل في كثير من الأحيان حد السب والتهكم والسخرية، لكن رغم ذلك تظل التجربة الرومانسية تجربة رائدة في الشعر العربي الحديث. لأنها مهدت الطريق أمام الحركات الشعرية التي سترى النور بعد النكبة 1948 لتواصل رحلة التجديد والتطوير.

One thought on “ملخص القسم الثاني PDF نحو شكل جديد – ظاهرة الشعر الحديث

  • غير معروف

    ربي يفرج علينا دعولي من قلبكم

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: هذا المحتوى محمي من النسخ !!