العلاقات بين العوامل في النموذج العاملي للقصة والمسرحية
العلاقات فيما يعرف بـ”النموذج العاملي“، هي عبارة عن “بنية عميقة”. تتحكم في النص الحكائي بشكل عام، سواء أكان قصة قصيرة أو مسرحية. وتجعلنا نوسع فهمنا لمصطلح “الشخصية الحكائية”، الذي كان يقتصر على الكائن الآدمي. للدلالة على كل قوة فاعلة في المحكي، سواء أكانت بشراء أو حيوانا، أو جمادا، أوقوى طبيعية. أو مؤسسات، أو أفكارا، أوقيما، أو مشاعر، أورغبات… مما يعني أنه لم يُعد يُنظر إلى (الشخصية) باعتبار ماهيتها أي بما تحمله من خصائص وسمات فقط. وإنما من خلال ما تنخرط فيه من “علاقات”.
І- مثال الانطلاق
زعموا أن أرضاً من أراضي الفيلة أجذبت، وقل ماؤها، فأصاب الفيلة عطش شديد، فأرسل الملك رسوله ورواده في طلب الماء. فرجع إليه بعض الرسل، فأخبره إني قد وجدت بمكان كذا عيناً يقال لها عين القمر. فتوجه ملك الفيلة إلى تلك العين ليشرب منها هو وفيلته، وكانت العين في أرض للأرانب. فوطئن الأرانب في أجحارهن، فأهلكن منهن كثيراً. فتقدمت أرنبٌ من الأرانب يقال لها فيروز، وكان الملك يعرفها بحسن الرأي والأدب. فقالت: إن رأى الملك أن يبعثني إلى الفيلة.
ثم إن الأرنب انطلقت في ليلة قمراء، ونادت ملك الفيلة. وقالت له: إن القمر أرسلني إليك، فأنذرك ألا تعود إلى مثل ذلك. وإنك إن فعلت أُغشِّ بصرك، وأتلف نفسك، وإن كنت في شكٍّ من رسالتي، فهلم إلى العين من ساعتك، فإني موافيك بها. فانطلق إلى العين مع فيروز الرسول؛ فلما نظر إليها، رأى ضوء القمر فيها. فأدخل الفيل خرطومه في الماء، فتحرك فخيل للفيل أن القمر ارتعد. فقال: ما شأن القمر ارتعد ؟ أتراه غضب من إدخالي الخرطوم في الماء ؟ قالت فيروز الأرنب: نعم. فسجد الفيل للقمر، وشرط ألا يعود إلى مثل ذلك هو ولا أحد من فيلته.
ІІ- ملاحظة وتحليل العلاقات بين العوامل
المثال عبارة عن قصة تبدأ بالوضعية الأولية، وهي ما لحق الفيلة من جذب وعطش، ثم سيرورة الحدث. وتتتجلى في لجوء الفيلة إلى عين القمر، وما خلفه ذلك من أذى للأرانب التي دبرت حيلة تخلصها من ضرر الفيلة. وأخيرا الوضعية النهائية المتمثلة في عودة الإستقرار والأمان الى الأرانب.
وفي القصة نجد شخصيات عوامل تؤدي دورا أو مهمة فيها. وبملاحظة كل عامل من هذه الشخصيات نجده يؤدي وظيفة داخل القصة، فالعامل المرسل هو ملك الأرانب. الذي يدفع عامل الذات / البطل وهو الأرنب فيروز للقيام بمهمة التوسط لدى العامل المعاكس ملك الفيلة وبطشه. الذي يحرم الأرانب من العامل المرسل اليه وهو تحقيق الأمن والاستقرار والحماية. وكان العامل المساعد الذي يؤازر الذات في مهمتها هو الذكاء والحيلة.
وبتمعن في هذه العوامل نجد أن هناك علاقات تجمع بينها. كعلاقة التواصل التي تجمع بين المرسل والمرسل إليه، بحكم أن ملك الأرانب (المرسل) يعتبر مسؤولا عن (المرسل إليه) الأمن والحماية. تقابلها علاقة صراع بين الحيلة (العامل المساعد) والبطش الذي يقوم به الفيلة (العامل المعاكس). وعلاقة رغبة بين الأرنب فيروز(عامل الذات) وإبعاد الفيلة عن عين القمر (العامل الموضوع).
ІІІ- خلاصات واستنتاجات حول الـنموذج العاملي
العلاقات بين العوامل في الـنموذج العاملـي:
الشخصيات السردية هي كل مشارك في الأحداث بما ينجزه من أعمال أو يؤديه من أدوار، وتسمى العامل. والعوامل في القصة تنتظم في أزواج ثلاثة، وكل زوج منها يشكل محورا تؤطره احدى العلاقات الآتية:
- علاقة التواصل: وهي المحور الدلالي الذي يجمع بين العامل المرسل والعامل المرسل إليه.
- علاقة الرغبة: وهي المحور الدلالي الذي يجمع بين العامل الذات والعامل الموضوع.
- علاقة الصراع: وهي المحور الدلالي الذي يجمع بين العامل المساعد والعامل المعاكس.
تحياتي لك أخي