علوم اللغة

الرمز و الأسطورة – تعريفهما ووظيفتهما في الشعر الحديث

يُعرف الرمز في الأدب باستعمال كلمة تحمل دلالات مشتركة بين مجموعة، وذلك للتعبير عن تجربة شعورية بكل دقة، واختزال لمعاني دلالية عميقة.

1) قال بدر شاكر السياب:

رحلَ النهار
ها إنـَّـه انطفأت ذبالته على أفقٍ توهجَ دونَ نار
وجلستِ تنتظرينَ عودة سندبادَ منَ السـِّـفار
والبحرُ يصرخُ من ورائكِ بالعواصفِ و الرعود.
هوَ لن يعود،
أوما علمتِ بأنهُ أسرتهُ آلهة البحار
في قلعةٍ سوداءَ في جزرٍ من الدمِ و المحار.
هو لن يعود،

2) قال أدونيس:

أقسمتُ أن اكتب فوق الماء
أقسمتُ أن احمل مع سيزيف
صخرته الصماء
أقسمتُ أن أظل مع سيزيف
اخضع للحمى وللشرار
ابحث في المحاجر الضريرة
عن ريشة أخيرة
تكتب للعشب وللخريف
قصيدة الغبار
أقسمتُ أن أعيش مع سيزيف


بملاحظة جملة “رحل النهار” نجدها تمثل انزياحا دلاليا؛ لتنافر “رحل” فعل متعلق بكائن حي و”النهار” ظاهرة فيزيائية غير عاقلة. ولاختزال التنافر نؤَوٍل “النهار” الذي يعني العمر والحياة عند السياب، فالنهار يرمز للعمر.

كما أن السندباد في القصص العربية رمز للرحلة والمغامرة. ويتقاطع مع الشاعر في طول رحلته عبر الحياة. إلا أنه لن يعود للحياة كما كان يعود السندباد من رحلاته البحرية المحفوفة بالمخاطر.

“شَعَرَ سيزيف باقتراب الموت فأقنع زوجته بألا تدفنه. والآن هو ميت ! نجح بأخذ الإذن بالعودة إلى الحياة وبعد أن وعد بالرجوع إلى عالم الموتى حيث هيديس الملك، ليطلب من زوجته أن تدفنه بطريقة صحيحة. لكنه عندما رأى ضوء الشمس وجمال الحياة، بدأ يخادع ولا يفكر بالرجوع ! وعاش حتى أصبح هرما ومن ثم مات. لكن العقاب برفع الصخرة كان بالمرصاد جزاءً لخداعه”.

هذه الأسطورة رديفة لمعنى الاستمرار والعمل والتفاؤل وتكرار الفعل وقد وردت في النصوص كما لدى أدونيس بمثابة إعادة دورة الحياة كل صباح على أمل الخلاص.
وهذه الأسطورة يعبر بها الشاعر عن موقفه الفردي من النضال في الحياة ،كما يعبر عن موقف الجماعة ألأمة العربية في نضالها ضد الظلم والإحتلال.


يُعرف الرمز في الأدب باستعمال كلمة تحمل دلالات مشتركة بين مجموعة، وذلك للتعبير عن تجربة شعورية بكل دقة، واختزال لمعاني دلالية عميقة.

والرمز قد يأتي على نوعين:

  • مفردا: عندما يحيل على مدلول مباشر (الميزان رمز للعدل).
  • مركبا: عندما يكون المدلول متعددا ويتطلب منا التأويل بحسب مقام النص.

ويعتمد الرمز على مصادر متعددة فيكون كلمة عادية (النهار ـ حمامة ـ ميزان). أو مستوحاة من التاريخ أو التراث أو الدين أو الأسطورة.
والرمز يسعى في وظيفته إلى تكثيف الصورة الشعرية وإغنائها، كما يزيد من أبعاد الجمالية الفنية للقصيدة.

قصة تجمع بين الواقع والخيال، فتحول الظواهر والأشخاص إلى كائنات غير عادية تصل إلى حد الخرافة.
وقد استمد الشاعر والمبدع عامة أساطير من التاريخ العالمي، ووظفها لما تحيل عليها من معان ودلالات ورموز للتعبير عن تجربته، وقد يشحنها بمعان ودلالات جديدة تتماشى مع رؤياه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: هذا المحتوى محمي من النسخ !!