علوم اللغة

عمليات الانسجام في النص النظري والنقدي – عمليات الخلفية المعرفية والخلفية التنظيمية

ترتبط عمليات الانسجام بـ (القارئ). هذا الذي يراهن كاتب النص على خلفيتيه: “المعرفية”، و”التنظيمية”، من أجل الظفر بقراءة منسجمة للنص:

وتتجلى في مجموعة من القدرات المعرفية والمهارات المنهجية التي يجب أو يُفترض أن يتسلح بها القارئ أثناء تعامله النص، مما مع يساعد على فهمه وتأويله، وبالتالي إضفاء طابع “الانسجام” عليه، وتشمل قيامه بالعمليات التالية:

  • التغريض: فكاتب النص يراهن على قدرة قارئه على التغريض، ومن تطبيقات هذه العملية مثلا تحديد فكرة عامة للنص.
  • الحذف: حذف القارئ للأفكار الثانوية والمعلومات قليلة الأهمية، والاحتفاظ به في المقابل بما هو أساسي؛ مثلما يحدث أثناء صياغة ملخص.
  • ملء الفراغات: تتمثل الفراغات أو البياضات أساسا في نقط الحذف (…) التي يمكن أن تتخلل النص؛ حيث يتعيّن تقديره والكشف عنه.
  • البِناء: هذه العملية تقوم على متوالية من القول يصب بعضها في بعض، كما يحدث أثناء تركيب نص.
  • التعميم: أيْ إرجاع معلومات جزئية إلى تصور کلي، كتحديد فكرة أساسية لفقرة ما.
  • معرفة السياق: فمعرفتنا مثلا بـ”صاحب النص” أو “ظروفه” أو “نوعه الأدبي”، تساعدنا على فهمه وتأويله. فهذا السياق الذي يظهر فيه النص هو الذي يساعد القارئ على فهمه وتأويله وبالتالي تحقيق انسجامه.
  • التأويل المحلي: كان نستدل على سمة المحافظة أو التقليد في (الإيقاع) داخل النص الشعري مثلا. بالإشارة إلى وحدة الوزن والقافية والروي، وتكون الأدلة الموظفة مأخوذة من النص الشعري.
  • مبدأ التشابه: فمثلا وأنت تحلل “صورا شعرية” لصلاح عبد الصبور. تتذكر أنه، کغيره من الشعراء الحداثيين، يوظف “الرمز” و “الأسطورة” في تشكيل عدد من صوره.
  • الخبرات السابقة: فمثلا حين نكون بصدد تحليل نص شعري، فنحن نعرف مسبقا أننا معنيين بمقاربة مكونات من قبيل: (المضمون – المعجم – الصورة الشعرية – الإيقاع – الأسلوب). وليس مكونات أخری مثل: (الأحداث – الشخصيات – المكان – الزمن – الأسلوب – المغزى). والتي يجب أن نعالجها أثناء تحليل نص حكاني (قصصي أو مسرحي).

والتي تتمثل وظيفتها بالأساس، في مساعدة القارئ على فهم واستيعاب النص وتفسيره وتأويله وكذا تمكينه من إنجاز قراءة منسجمة للنص قراءة تتفادى السقوط في أحكام التسيب على كلام مسؤول.


وتفيد أن القدرات المعرفية والمهارية التي قد تتوافر لدى القارئ تظل غير كافية، إذا لم تكن مُرتبة ومُنَسّقة، داخل الذاكرة والذكاء الطبيعي في بنيات ذهنية تنظيمية من قبيل:

  • الأطر Frams: افتراض الكاتب معرفة القارئ بإطار “المناهج الأدبية”. وبالذات المنهج البنيوي في نص نقدي يطبق فيه صاحبه هذا المنهج مثلا.
  • المدونات Scripts: افتراض الكاتب مثلا، توقع القارئ بعملية الربط. التي تتم بين الظاهرة الأدبية والظاهرة الاجتماعية في نص نقدي يوظف المنهج الاجتماعي.
  • الخطاطات Shemas: افتراض الكاتب انطلاق القارئ من مرجعية نقدية محددة قبل دراسة أي نص إبداعي. وذلك كالمنهج التاريخي، أو الاجتماعي، أو النفسي، أو البنيوي، أو المقاربة الشمولية… أو افتراض الكاتب معرفة القارئ بسيناريو تقسيم النص إلى مستويات لغوية أثناء دراسته دراسة بنيوية.
  • السّيناريوهات Sénarios: وهي شبيهة بالمدونات، والمقصود بها المعرفة الخلفية، والبنيات المعرفية التي تقود القارئ إلى توقع بعض مظاهر الخطاب وتفسيرها. فالقارئ – في سعيه إلى الفهم – يخلق سيناريوهات تأويلية تربط بين المقال والمقام. وهو ما استوجب على المنتج تنشيط سيناريوهات ملانمة تفضي إلى نجاح الفهم. ومعنى ذلك أن نجاح الفهم المؤسس على السيناريوهات، متعلق بفعالية منتج النص في تنشيط سيناريوهات ملائمة.

وهذه الخلفية التنظيمية تسمح بالعودة إلى تلك القدرات في أية لحظة من لحظات تأويل النص، وتساعد القارئ على الظفر بفهم وقراءة سليمين له.

One thought on “عمليات الانسجام في النص النظري والنقدي – عمليات الخلفية المعرفية والخلفية التنظيمية

  • غير معروف

    دعولي من قلبكم

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: هذا المحتوى محمي من النسخ !!